بعد صمت دام شهوراً، بسبب ضغوط من وكالة الاستخبارات الأميركية، كشفت الصحافة الأميركية أمس عن فضيحة التجسس التي أصابت شبكات التجسس الأميركية في لبنان وإيران. ونُشر تقريران فصّلا جانباً من هذه القضية، من دون الإشارة إلى وقائع من المطاردة التي فُتحت بين الاستخبارات الأميركية، من جهة، وفريق أمني مثّل الاستخبارات في إيران وسوريا وجهاز أمن المقاومة. في ما يلي نص تقريرَي «لوس أنجلوس تايمز» وقناة «abc».
اضطرت وكالة الاستخبارات المركزية إلى تعليق عملياتها التجسسية في لبنان، الذي «يعتبر نقطة مركزية للعملاء والمخبرين في جمع المعلومات عن سوريا والجماعات الإرهابية وغيرها من الأهداف، وذلك بعد إلقاء القبض على العديد من المخبرين التابعين للوكالة في بيروت هذا العام». هذا ما كشفته مصادر أميركية لصحيفة «لوس أنجلوس تايمز».
مسؤول أميركي، اشترط عدم الكشف عن هويته لحديثه عن مسألة سرية، قال: «تم وقف العمليات في محطة بيروت» (مستخدماً العبارة التي تستعملها سي. آي. إي للحديث عن مركزها في العاصمة اللبنانية) «بسبب اختراق أدى إلى الكشف عن حوالى 12 مخبراً يعملون لمصلحة وكالة الاستخبارات المركزية».
وتحت عنوان "الاستخبارات الأميركية تهرب من بيروت" كتب ابراهيم الامين مقالا في الصحيفة مما جاء فيه "آخر فصول الحرب السريّة الدائرة بين الاستخبارات الأميركية وجهاز أمن المقاومة كشفته الصحافة الأميركية أمس، وإن بشكل جزئي. شبه اعتراف رسمي أميركي باختراق أمني كبير حقّقه حزب الله وسوريا وإيران أدى إلى إغلاق «محطة» بيروت التابعة لـ «سي آي إي» بعد كشف عدد من مخبريها".
إثر إعلان الأمين العام لحزب الله، السيد حسن نصر الله، في حزيران الماضي، اكتشاف جهاز أمن المقاومة عملاء لإسرائيل وللاستخبارات الأميركية في صفوفه، بادرت السفارة الأميركية في بيروت إلى نفي الأمر، ووضعه في خانة الادعاءات، وهو الأمر الذي واكبته قيادات من فريق 14 آذار بالقول إن حزب الله يحاول أن يرمي بالمسؤولية على الجانب الأميركي. وأبلغ أكثر من مسؤول من هذا الفريق، أو من قوى أمنية رسمية، سائليهم، بأن «ادعاء حزب الله» لا أساس له من الصحة.
طبعاً، لم يكن أحد ينتظر الجانب الأميركي ليعلن أي موقف تفصيلي غير النفي الرسمي الذي صدر عن السفارة في بيروت، باعتبار أن السيد نصر الله أشار إلى أن الذين عملوا على تجنيد عناصر من الحزب هم من موظفي السفارة. لكن حقيقة الأمر، كما يرويها إعلاميون أميركيون، أنه لا أحد في الولايات المتحدة تعامل مع الأمر بجدية؛ فهم من جهة عدّوا كلام نصر الله نوعاً من الاتهامات التقليدية، وفهموا من مراجعات لبعضهم مع مسؤولين أميركيين، وخصوصاً من جهات الاستخبارات، أن ليس هناك من يدعو إلى متابعة كلام نصر الله.
لكن الذي كان يجري في هذه الاثناء تجاوز كل ما نشر، بما في ذلك ما نشر في الصحافة الأميركية أمس، وفيه «ما يشبه الاعتراف الرسمي» بوجود هذه الحقيقة؛ إذ تبين أن الاستخبارات الأميركية تواجه أزمة كبيرة منذ الربيع الماضي، عندما تبيّن لها أن بعض من جُنِّدوا لمصلحتها قد أُوقع بهم، ليس في لبنان فقط، بل في سوريا وفي إيران. ومع أن نظام العمل لا يربط بين هذه المجموعة أو تلك، إلا أن الغاية المعلوماتية والتنفيذية لعمل هذه المجموعات متصل بعضها ببعض، وتنطلق من عمل مشترك مع أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية في مواجهة «عمليات التسلح المتعاظمة لقوى المقاومة في لبنان وفلسطين، ودور إيران وسوريا في هذه العملية»، على ما قال مصدر متابع لـ«الأخبار»، أوضح أن ردود الفعل التي صدرت أمس على ما نشر في الصحافة الأميركية أظهرت أن الأمر ربما تجاوز ما كُشف عنه.